التّخاطب باللّغة النّوبيةّ  كانت من الأخطاء الجسيمة التي تستوجب لسعات السّوط على ظهورنا في مدارس السّلّم التّعليميّ لصاحبه عَمّنا وتاج رأسنا الدّكتور محي الدين صابر . وأذكر أن رفيقنا في سنة رابعة أوليّة تصدّى يسأل معلّم اللّغة العربيّة: «اللذينا سينا وللا صادا؟» فجاءه السّوط من  حيث لا ّيحتسب!

دكتور محي الدين صابر

ومع توسّع العقوبات العربيّة على النّاطقين بغيرها في مدارس حلفا والسّكّوت والمحس ودنقلا ، إلّا أنّ الفصول البهيّة رفدت الأمّة السّودانية المغلوبة على أمرها بفطاحل  في لغة الضّاد حتى أنّ خالنا الشّاعر الجهبذ الأستاذ جعفر محمّد عثمان صاحب التبلديّة  الشّهيرة  ومؤلّف سهام وإلهام في كتاب المطالعة الابتدائية  ، أدار معهد اللغة العربيّة للناطقين بغيرها  في أرض الصومال   قبل أن تحيله المشاريع الحضاريّة إلى التقاعد .

لم تمنع إجادة لغة الضّاد تلاميذ المدارس العربيّة من استخدام لغتهم الحيّة برغم لسعات السّياط  وفي البال جهابذة كبار وضعوا المناهج والقواعد و القواميس للّغة النوبية ، وأضحت متاجر « قوقل بلاي» وهواتف الأندرويد  والآيفون سوقاً لمفاتيح اللّغة النّوبيّة، وأضحى الفتيان والصبايا في النوبتين العليا والسّفلى  في إشكيت و واشنطون وأردوان  وأبوسمبل  يديرون محادثاتهم بلغتهم الحيّة والأثيرة .

وحين هاجت رياح العروبة على لغات  الشّعوب السودانيةّ في سنوات الهوجة الأولى . سألت الدكتور محي الدين صابر وقد التقيت به مصادفة في تسعينات القرن الماضي بمكاتب صحيفة الخرطوم (شارع عائشة التيموريّة بالقاهرة) عن إمكانية انفصال شعوب اللّغة النوبيّة عن رفاقهم  في بلاد السّودان  فسخر وقال: من حقهم الانفصال عنّا!

أذكر أنّ أستاذنا» هاشم» علي في مدرسة صرص الابتدائية ، أعجبته قطعة إنشاء أدبيّة حرّرها طالب توفي والده حديثاً .. فعلّق بقلمه الأحمر الأخّاذ.. « ويّا «. والتّعبير نوبيّ صميم يعني الحسرة والمشاركة في الأحزان. وعودة إلى فشل  دعوات إقصاء لغات الشّعوب في السّودان.. أقول للدّعاة الحزانى : « ويّا»ّ