مع‭ ‬مرور‭ ‬الأيام‭ ‬وظهور‭ ‬المستجدات،‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬الضّرورة‭ ‬تحقيق‭ ‬أحلام‭ ‬تليدة‭ ‬حفظاً‭ ‬لإرث‭ ‬الأجداد‭ ‬من‭ ‬الاندثار،‭ ‬ومدخل‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الثّروات‭ ‬الثّقافيّة‭ ‬والاجتماعيّة‭ ‬الاهتمام‭ ‬بتفعيل‭ ‬حُلم‭ ‬ظلّ‭ ‬يراود‭ ‬المهتمّين‭ ‬الحادبين‭ ‬على‭ ‬لملمة‭ ‬أطراف‭ ‬التاريخ‭ ‬النّوبيّ‭ ‬من‭ ‬الانزواء،‭ ‬بمحوّ‭ ‬الأُميّة‭ ‬النّوبيّة‭ ‬للأجيال‭ ‬الجديدة‭ ‬بتعليمهم‭ ‬الكتابة‭ ‬والقراءة‭ ‬بلغة‭ ‬الحضارة‭.‬

اشتراطات‭ ‬الدّراسة

كثير‭ ‬من‭ ‬التّجارب‭ ‬الجادّة‭ ‬مضت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتّجاه‭ ‬قُدماً‭ ‬عبر‭ ‬تمليك‭ ‬النّوبيّين‭ ‬الحرفَ‭ ‬النّوبيّ‭ ‬،‭ ‬كان‭ ‬أهمها‭ ‬تجربة‭ ‬مركز‭ ‬الدّراسات‭ ‬النّوبيّة،‭ ‬وكان‭ ‬عنوانها‭: ‬الدّورة‭ ‬المكثّفة‭ ‬الأولى‭ ‬لدراسة‭ ‬النّوبيّة‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬والتي‭ ‬اشترطت‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الملتحق‭ ‬بها‭ ‬مُجيداً‭ ‬للتحدّث‭ ‬بالنّوبيّة،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مقيماً‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬يجيدها‭ ‬من‭ ‬أهله،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬المشارك‭ ‬مُلمَّاً‭ ‬بالأبجدية‭ ‬الرّومانيّة‭ (‬الحروف‭ ‬الانجليزيّة‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬استخدمت‭ ‬وسيطاً‭ ‬لشرح‭ ‬قواعد‭ ‬نحو‭ ‬اللّغة‭ ‬النّوبيّة‭ ‬وصرفها‭ ‬وقواعد‭ ‬نطقها،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬رُفع‭ ‬كُتيب‭ ‬صغير‭ ‬للمشاركين‭ ‬يحوي‭ ‬الأبجدية‭ ‬النّوبيّة‭ ‬وما‭ ‬يقابلها‭ ‬في‭ ‬الأبجديّة‭ ‬الإنجليزيّة،‭ ‬ومعها‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الرّموز‭ ‬المساعدة‭ ‬للفصل‭ ‬بين‭ ‬جذع‭ ‬الكلمة‭ ‬ولواحقها‭ ‬ونهاياتها،‭ ‬أي‭ ‬قواعد‭ ‬النّحو‭ ‬والصّرف،‭ ‬وبعض‭ ‬المقاطع‭ ‬الصّوتيّة‭ ‬كقواعد‭ ‬للنّطق‭..‬

‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬الاشتراطات‭ ‬أيضاً‭ ‬توفّر‭ ‬معرفة‭ ‬التّعامل‭ ‬مع‭ ‬الوسائط‭ ‬ووجود‭ ‬إنترنت،‭ ‬مع‭ ‬ضرورة‭ ‬تفرّغ‭ ‬المشارك‭ ‬لمدّة‭ ‬ساعة‭ ‬يوميَّاً‭ ‬لمدة‭ ‬15‭ ‬يوماً،‭ ‬حيث‭ ‬جرى‭ ‬تحديد‭ ‬الفترة‭ ‬استناداً‭ ‬إلى‭ ‬تجارب‭ ‬سابقة،‭ ‬وكان‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬انتظموا‭ ‬في‭ ‬الدّورة‭ ‬15‭ ‬فرداً،‭ ‬10‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬الإناث،‭ ‬وغلبت‭ ‬عليهم‭ ‬شريحة‭ ‬الشّباب‭.‬

‭ ‬أما‭ ‬الوسائط‭ ‬التي‭ ‬استُخدمت‭ ‬في‭ ‬التدريب‭ ‬فكان‭ ‬فيسبوك؛‭ ‬لنشر‭ ‬حصيلة‭ ‬اليوم‭ ‬التدريبيّ،‭ ‬والواتساب‭ ‬للتواصل‭ ‬بالصّوت‭ ‬والصّورة‭ ‬وطرح‭ ‬المحتوى،‭ ‬ثم‭ ‬البريد‭ ‬الإلكترونيّ‭ ‬لاستلام‭ ‬الملفات‭.‬

القواعد‭ ‬والاظهار‭ ‬الكتابيّ

عقدت‭ ‬الدّورة‭ ‬في‭ ‬التّوقيت‭ ‬المسائيّ‭ ‬لتتناسب‭ ‬مع‭ ‬ظروف‭ ‬الجميع،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬جرى‭ ‬استبيانهم‭ ‬باستخدام‭ (‬جوجل‭ ‬فورم‭) ‬عن‭ ‬التوقيت‭ ‬الأنسب،‭ ‬فاختارت‭ ‬معظم‭ ‬الإجابات‭ ‬الفترة‭ ‬المسائيَّة‭. ‬عقبها‭ ‬وُزع‭ ‬المحتوى‭ ‬التدريبيّ‭ ‬على‭ ‬أيام‭ ‬الدّورة،‭ ‬وكانت‭ ‬الخمسة‭ ‬الأيّام‭ ‬الأولى‭ ‬لتمليك‭ ‬الحرف‭ ‬النّوبيّ،‭ ‬وعشرة‭ ‬أيام‭ ‬للنقاشات‭ ‬حول‭ ‬عبارات‭ ‬وجمل‭ ‬نوبيّة‭ ‬مختارة‭ ‬من‭ ‬الدّراسين‭ ‬لبيان‭ ‬مختصر‭ ‬قواعد‭ ‬النّحو‭ ‬والصّرف،‭ ‬والتدرُّب‭ ‬على‭ ‬كيفيّة‭ ‬كتابتها‭ ‬بطريقة‭ ‬صحيحة،‭ ‬وتعلّقت‭ ‬المناقشة‭ ‬بشرح‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬قواعد‭ ‬نحو‭ ‬النّوبين‭ ‬والإظهار‭ ‬الكتابيّ،‭ ‬والفروق‭ ‬الملحوظة‭ ‬بين‭ ‬طريقة‭ ‬النّطق‭ ‬وطريقة‭ ‬الكتابة‭.‬

جاءت‭ ‬المواد‭ ‬المكتوبة‭ ‬في‭ ‬كُتيب‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬صفحات‭ ‬عن‭ ‬تمليك‭ ‬الحرف‭ ‬النّوبيّ‭ ‬أو‭ ‬‮«‬أبجديّة‭ ‬كبّارة‮»‬،‭ ‬وطُرح‭ ‬عنوان‭ ‬وحيد‭ ‬هو‭ (‬إركونّا‭) ‬‮«‬في‭ ‬بلدنا‮»‬،‭ ‬وتُركت‭ ‬التفاصيل‭ ‬للمشاركين‭ ‬ليطرح‭ ‬كلًّ‭ ‬مشارك‭ ‬جملة‭ ‬واحدة٫

تنافس‭ ‬كبير

شهدت‭ ‬الدّورة‭ ‬تنافساً‭ ‬كبيراً‭ ‬بين‭ ‬الدّارسين‭ ‬في‭ ‬طرح‭ ‬عبارات‭ ‬نوبيّة‭ ‬شائعة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬شجّع‭ ‬على‭ ‬جعلها‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬منافسة‭ ‬يوميّة،‭ ‬يرسل‭ ‬فيها‭ ‬المشارك‭ ‬نصّ‭ ‬العبارة‭ ‬مكتوباً‭ ‬بالحروف‭ ‬النّوبيّة‭ (‬وبالكتابة‭ ‬التدريبيّة‭) ‬للمدرّب‭ ‬أو‭ ‬مساعده‭ ‬على‭ ‬الخاصّ،‭ ‬ويتم‭ ‬إعلان‭ ‬اسم‭ ‬الفائز‭ (‬الفائزين‭) ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬ومعه‭ ‬الطريقة‭ ‬الصحيحة‭ ‬لكتابة‭ ‬العبارة‭ ‬بالحرف‭ ‬النّوبيّ‭ ‬وبالكتابة‭ ‬التدريبيّة٫

وقد‭ ‬قُسمت‭ ‬كل‭ ‬حصة‭ ‬تدريبية‭ ‬على‭ ‬النجو‭ ‬الآتي‭: ‬ربع‭ ‬ساعة‭ ‬لتلخيص‭ ‬درس‭ ‬اليوم‭ ‬السّابق،‭ ‬والعبارة‭ ‬المطروحة‭ ‬كمسابقة،‭ ‬وشرح‭ ‬ما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬قواعد‭ (‬قواعد‭ ‬نحو‭ / ‬قواعد‭ ‬نطق‭/ ‬قواعد‭ ‬إملائيّة‭)‬،‭ ‬وخُصّص‭ ‬باقي‭ ‬الوقت‭ ‬لاستقبال‭ ‬العبارات‭ ‬من‭ ‬المشاركين‭ ‬والتدرّب‭ ‬على‭ ‬كتابتها‭ ‬مع‭ ‬بيان‭ ‬ما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬قواعد‭.‬

في‭ ‬نهاية‭ ‬الدّورة‭ ‬تحقّق‭ ‬الهدف،‭ ‬وأصبح‭ ‬المشاركون‭ ‬والمشاركات‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬تحليل‭ ‬أيّ‭ ‬كلمة‭ ‬أو‭ ‬عبارة‭ ‬إلى‭ ‬مكوناتها‭ ‬والتمكن‭ ‬من‭ ‬كتابتها‭ ‬تدريبيّا‭ ‬وبالحرف‭ ‬النّوبيّ‭ . ‬وفي‭ ‬نهاية‭ ‬الدّورة‭ ‬سُجل‭ ‬نصّ‭ ‬نوبيّ‭ ‬بالصّوت،‭ ‬وطُلب‭ ‬كتابتها‭ ‬بالطّريقتين،‭ ‬فكانت‭ ‬النتيجة‭ ‬مذهلة،‭ ‬حيث‭ ‬اجتاز‭ ‬الجميع‭ ‬سقف‭ ‬نسبة‭ ‬80‭% ‬بسهولة٫

البيت‭ ‬أساس‭ ‬تعليم‭ ‬اللغة‭ ‬النوبية

إيجابيات‭ ‬وسلبيات

ظهرت‭ ‬حزمة‭ ‬من‭ ‬الإيجابيّات‭ ‬عقب‭ ‬تلك‭ ‬الدّورة،‭ ‬منها‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬تمليك‭ ‬الحرف‭ ‬النّوبيّ‭ ‬بسهولة‭ ‬للشّباب‭ ‬من‭ ‬الجنسين،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬الأسبوع‭ ‬عبر‭ ‬عقد‭ ‬دورات‭ ‬مكثّفة،‭ ‬لكن‭ ‬التجربة‭ ‬لم‭ ‬تخلُ‭ ‬من‭ ‬عوائق‭ ‬بينها‭ ‬مشكلة‭ (‬فونط‭ ‬FONT‭) ‬أي‭ ‬نمط‭ ‬الحرف‭ ‬النّوبيّ‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬أجهزة‭ ‬الموبايل،‭ ‬بينما‭ ‬مثّلت‭ ‬وسائط‭ ‬الاتصال‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬استثمارها،‭ ‬خاصة‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تملك‭ ‬إمكانات‭ ‬عرض‭ ‬المحتوى‭ ‬بالصّوت‭ ‬والصّورة٫

أمّا‭ ‬من‭ ‬سلبيات‭ ‬التجربة،‭ ‬فإنّه‭ ‬اكتُفي‭ ‬بعدد‭ ‬15‭ ‬دارساً‭ ‬فقط‭ ‬حتى‭ ‬يمكن‭ ‬تقييم‭ ‬النتائج‭ ‬بسهولة،‭ ‬وليُتاح‭ ‬لكل‭ ‬مشارك‭ ‬وقت‭ ‬كافٍ‭ ‬لطرح‭ ‬الأسئلة‭ ‬والمشاركة‭ ‬بإيجابيّة،‭ ‬لكن‭ ‬يمكن‭ ‬زيادة‭ ‬العدد،‭ ‬وربما‭ ‬مضاعفته‭ ‬مع‭ ‬زيادة‭ ‬زمن‭ ‬الحصّة‭ ‬التدريبيّة‭ ‬اليوميّة‭.‬

كان‭ ‬النّظام‭ ‬الكتابيّ‭ ‬بالحرف‭ ‬النّوبيّ‭ ‬أكثر‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬استهلكت‭ ‬وقتاً‭ ‬أطول‭ ‬من‭ ‬وقت‭ ‬التّدريب‭ ‬نفسه،‭ ‬وذلك‭ ‬لتعلّقه‭ ‬بدراسة‭ ‬قواعد‭ ‬النّحو‭ ‬والصّرف‭ ‬وفهمها،‭ ‬وقواعد‭ ‬النّطق‭.‬

ومن‭ ‬السّلبيات‭ ‬أيضاً‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬أطفال،‭ ‬أو‭ ‬نوبيين‭ ‬لا‭ ‬يجيدون‭ ‬التّحدث‭ ‬بالنّوبيّة،‭ ‬وإلّا‭ ‬لاكتملت‭ ‬الفائدة‭ ‬ولجرى‭ ‬التعرّف‭ ‬على‭ ‬سمات‭ ‬واحتياجات‭ ‬ومُخرجات‭ ‬تلكّ‭ ‬الفئات٫

خلاصة‭ ‬تجربة

هذه‭ ‬التّجربة‭ ‬أكّدت‭ ‬أنّ‭ ‬إتقان‭ ‬كتابة‭ ‬النّوبيّة‭ ‬رهن‭ ‬بعدّة‭ ‬شروط،‭ ‬يمكن‭ ‬اعتبارها‭ ‬الخلاصات‭ ‬العامّة‭:‬

لابدَّ‭ ‬من‭ ‬توافر‭ ‬فصل‭ ‬تعليميّ‭ (‬سواء‭ ‬ماديّ‭ / ‬أو‭ ‬افتراضيّ‭)‬،‭ ‬ولابدَّ‭ ‬من‭ ‬توافر‭ ‬منهج‭ ‬تعليمي‭ ‬معد‭ ‬سلفا٫

يجب‭ ‬وجود‭ ‬محتوى‭ ‬تدريبيّ‭ ‬مجهّز‭ ‬سلفاً؛‭ ‬لتحقيق‭ ‬هدف‭ (‬أو‭ ‬أهداف‭) ‬محدّدة‭.‬

ضرورة‭ ‬وجود‭ ‬معلّم‭ (‬أو‭ ‬مدرّب‭ ‬محتوى‭) ‬متقنٌ‭ ‬لدوره‭ ‬ومدرّب‭ ‬جيداً‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬المساعدات‭ ‬التدريبيّة‭ ‬السمعيّة‭ ‬والبصريّة،‭ ‬وقادر‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬وسائط‭ ‬التّواصل‭ ‬الاجتماعيّ‭.‬

عليه‭ ‬قرّر‭ ‬مجلس‭ ‬أمناء‭ ‬مركز‭ ‬الدّراسات‭ ‬النّوبيّة‭ ‬صرف‭ ‬جهده‭ ‬نحو‭ ‬ما‭ ‬يأتي‭:‬

  • التركيز‭ ‬على‭ ‬عقد‭ ‬دورات‭ ‬تدريبية‭ (‬محلية‭/ ‬أو‭ ‬عن‭ ‬بعد‭) ‬لمدربي‭ ‬المحتوى‭ (‬معلم‭/ ‬ميسّر‭ / ‬مساعد‭) ‬على‭ ‬النمط‭ ‬نفسه،‭ ‬وبالمحتوى‭ ‬التدريبي‭ ‬ذاته‭ ‬الذي‭ ‬استُخدم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدّورة،‭ ‬بهدف‭ ‬الارتقاء‭ ‬بمهارات‭ ‬المتطوعين‭ ‬والمتطوعات‭ ‬الراغبين‭ ‬في‭ ‬تمليك‭ ‬الحرف‭ ‬النّوبيّ‭ ‬للنوبيّين‭.‬
  • التركيز‭ ‬على‭ ‬المساعدات‭ ‬التدريبيّة‭ ‬بخاصّة‭ ‬الكتب‭ ‬المطبوعة‭ (‬مع‭ ‬تحويل‭ ‬محتواها‭ ‬إلى‭ ‬ملفات‭ ‬PDF‭) ‬ليسهل‭ ‬نشرها‭ ‬عبر‭ ‬الانترنت ‭ )‬وبالطبع‭ ‬سيكون‭ ‬هذا‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬أن‭ ‬التكلفة‭ ‬ستكون‭ ‬عالية‭ ‬خاصة،‭ ‬وأن‭ ‬شحة‭ ‬مصادر‭ ‬التمويل‭ ‬قد‭ ‬تعوق‭ ‬تطوُّر‭ ‬هذا‭ ‬الدّور‭ ‬وانتشاره،‭ ‬خاصّة‭ ‬وأنّ‭ ‬المكتبة‭ ‬النّوبيّة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬فقيرة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المضمار‭ ‬المهمّ‭(‬.

تجارب‭ ‬عمليّة‭ ‬ناجحة

بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬تجارب‭ ‬تدريس‭ ‬اللّغة‭ ‬النّوبيّة‭ ‬فقد‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬ثمانينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬جمعية‭ ‬ابريم،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬قبل‭ ‬اكتشاف‭ ‬الأبجديّة‭ ‬النّوبيّة‭ ‬القديمة‭ (‬كنت‭ ‬أملك‭ ‬نسخة‭ ‬مصورة‭ ‬من‭ ‬كتاب‭ ‬التعليم‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬فقدته‭ ‬للأسف‭)‬،‭ ‬فيما‭ ‬بدأت‭ ‬تجارب‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬ظهور‭ ‬الأبجديّة‭ ‬النّوبيّة‭ ‬بجمعية‭ (‬فاي‭) ‬في‭ ‬الإمارات‭ ‬بقيادة‭ ‬الرّاحل‭ ‬د‭. ‬عبد‭ ‬القادر‭ ‬شلبي‭ ‬ورفاقه،‭ ‬وموقعهم‭ ‬المتميز‭ (‬نباتا‭)‬،‭ ‬ثم‭ ‬تبعها‭ ‬مركز‭ ‬الدّراسات‭ ‬النّوبيّة‭ ‬والتوثيق‭ ‬بالقاهرة‭ ‬بنشر‭ ‬كتب‭ ‬لتعليم‭ ‬النّوبيّة،‭ ‬وعقد‭ ‬دورات‭ ‬لتمليك‭ ‬مجموعة‭ ‬منتقاة‭ ‬من‭ ‬الشعراء‭ ‬وبعدهم‭ ‬معلّمات‭ ‬المدارس‭ ‬الابتدائية‭ ‬للحرف‭ ‬النّوبيّ‭ ‬بقيادة‭ ‬الرّاحل‭ ‬محمّد‭ ‬سليمان‭ ‬جدوكاب‭.‬

وبعد‭ ‬رحيل‭ ‬مركز‭ ‬الدّراسات‭ ‬النّوبيّة‭ ‬والتّوثيق‭ ‬للخرطوم،‭ ‬تبنّت‭ ‬عدّة‭ ‬جمعيّات‭ ‬نوبيّة‭ ‬الفكرة،‭ ‬منها‭ ‬جمعية‭ ‬توماس‭ ‬وعافية،‭ ‬برئاسة‭ ‬الراحل‭ ‬أحمد‭ ‬إسحق،‭ ‬وجمعيّات‭ ‬أخرى‭ ‬كجمعية‭ ‬كنداكة‭ ‬في‭ ‬القاهرة،‭ ‬وأبوسمبل‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬والإسكندرية،‭ ‬ودابود‭ ‬بالقاهرة‭ ‬والإسكندرية،‭ ‬ومرواو‭ ‬في‭ ‬السّويس‭ ‬والإسكندرية،‭ ‬وهكذا،‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬عطاء‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬الجمعياّت‭ ‬مستمرَّاً‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭.‬

وهناك‭ ‬تجارب‭ ‬مماثلة‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬الدراسات‭ ‬النّوبيّة‭ (‬الذي‭ ‬أُنشيء‭ ‬في‭ ‬أبوسمبل‭ ‬ليحلّ‭ ‬محلّ‭ ‬سلفه‭ ‬مركز‭ ‬الدّراسات‭ ‬والتّوثيق‭ ‬بعد‭ ‬رحيله‭ ‬للخرطوم‭)‬،‭ ‬وإن‭ ‬انصبَّ‭ ‬الاهتمام‭ ‬على‭ ‬ملء‭ ‬الفراغ‭ ‬الناشئ‭ ‬عن‭ ‬رحيل‭ ‬مركز‭ ‬الدّراسات‭ ‬والتّوثيق،‭ ‬ثم‭ ‬اقتصاره‭ ‬الآن‭ ‬وتّركيزه‭ ‬على‭ ‬تدريب‭ ‬ومدّ‭ ‬المتطوعين‭ ‬بالكتب‭ ‬التي‭ ‬تساعدهم‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬رسالتهم‭.‬

وخلال‭ ‬فترة‭ ‬كورونا‭ ‬استثمرنا‭ ‬برنامج‭ (‬زووم‭) ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬ضيّق‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬الدّراسات‭ ‬لعقد‭ ‬لقاءات‭ ‬مع‭ ‬المتطوعين،‭ ‬ومناقشة‭ ‬عموم‭ ‬إشكاليّات‭ ‬كتابة‭ ‬النّوبيّة‭ ‬بالحرف‭ ‬النّوبيّ،‭ ‬وتحديداً‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬لقاءات‭.‬

كان‭ ‬كلّ‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬لمحة‭ ‬سريعة‭ ‬حول‭ ‬التعليم‭ ‬بالاتّصال‭ ‬المباشر‭ ‬(باستثناء‭ ‬موقع‭ ‬نباتا‭ ‬التي‭ ‬ركزت‭ ‬على‭ ‬التعلم‭ ‬الذاتي)‭.‬